إن المظاهرات التي يقوم بها رجال الشرطة في اليومين الأخيرين زادت التوتر في المجتمع البلغاري فقد تبين من جديد أن بلغاريا لم تعد كما كانت عليه سابقا. إذ قام موظفون من وزارة الداخلية بتعطيل بعض أهم تقاطعات طرق العاصمة صوفيا بغض النظر عن أي قوانين أو أخلاقيات المهنة أو احترام المجتمع. وبذلك تعطل سير المركبات وازداد توتر الركاب فضلا عن كونهم أخضعوا السلطة التنفيذية.
كما أن السيناريو نفسه تكرر في يوم الأربعاء الماضي بصرف النظر عن التنازلات التي اقترحتها وزيرة الداخلية روميانا باتشفاروفا إلا أنه انضم إلى التعسف الشرطي وقتها موظفون لشرطة الحدود قاموا لتعطيل الطرقات السريعة إلى تركيا واليونان. وعلاوة على ذلك كله هددت النقابات في وزارة الداخلية بإقامة مظاهرات على الصعيد الوطني في 8 من الشهر الحالي.
فما الذي أغضب رجال الأمن والنظام إلى هذا الحد الذي جعلهم يخالفون هذا النظام نفسه؟ فقد وضع الإصبع في عش الأفاعي كل من وزيرة الداخلية ووزير المالية حيث أعلنا عن نيتهما في اقتراح تخفيض تعويضات التقاعد لدى موظفي الشرطة من 20 راتبا شهريا إلى 10 رواتب شهرية.
وربما لم يتوقع أحد مثل رد الفعل الحاد هذا. فأسدى يد العون رئيس الوزراء بويكو بوريسوف إلى الوزيرين المرتبكين قائلا على نحو قاطع بأن الاحتجاجات غير شرعية وبأن أفراد الشرطة الذين عطلوا مفترقات الطرق الاثنين الماضي سيتم معاقبتهم. وجاء رد فعل أولئك بتعطيل الطرقات الدولية فضلا عن تقاطعات المدن. وما من أحد نال عقوبته حتى الآن. وهنا يأتي السؤال المنطقي من الذي يدير هذا الوضع. أالدولة أم رجال الشرطة؟ وهل يعتبر صحيحا ما يقوله بعض المراقبين إن وزارة الداخلية بما فيها من مؤسسات وموظفين تحولت إلى حصن خارج القانون.
وعلينا النظر في بعض الحقائق والأرقام لنتبين الواقع في وزارة الداخلية فعدد الموظفين فيها يقدر بما يزيد عن 60 ألف موظف ولا يتجاوز عدد السكان 7 ملايين نسمة مما يعني أن بلغاريا تحتل المراكز الأولى عالميا من حيث عدد رجال الشرطة للفرد وعلى ذلك فلا بد من التساؤل عن سبب صدارة البلاد في تصنيف الفساد والجريمة المنظمة أيضا. فالجواب المنطقي هو أن العاملين في الوزارة إما أن يعجزوا عن تنفيذ واجباتهم وإما ألا يرغبوا في ذلك.ويذهب بعض المحللين إلى ما هو أبعد عن ذلك ناظرين في فرضية تقول إن بعض أولئك يعتمدون على القطاع غير الشرعي بما فيه الاتجار بالبشر والمخدرات وما إلى ذلك.
وفي المقابل تنصب في خزانة وزارة الداخلية مئات ملايين اليورو من خزانة الدولة تصرف نسبة 95 في المئة منها للرواتب ومكافآت امتيازات إضافية والسبب راجع إلى كون إصلاحات في القطاع مجرد حبر على الورق حيث احتفظ بامتيازاته الغالية والتي تمتع بها في ظل النظام الشيوعي السابق من أجل ضمان هدوء الحزب الحاكم وقتذاك.
كما المشاورات السياسية، التي عقدها رئيس الجمهورية بشكل منفصل مع القوى البرلمانية في اتصال مع استقالة الحكومة، حددت جلسة أمس للمجلس الاستشاري للأمن الوطني أيضا فرضيات فقط، ولكن لا حل ملموس للأزمة السياسية. حتى يتم التوصل إلى قرار بعد تنفيذ الإجراء..
بعد المشاورات السياسية التي عقدها الرئيس مع القوى البرلمانية قبل الشروع في التزامه الدستوري لولايات جائزة لتشكيل الحكومة في إطار هذا البرلمان، والتوقعات لتشكيل حكومة جديدة في تكوين البرلمان الحالي وهمية. فقد وقف ضد الإعلان عن تشكيل هذه الحكومة ليس فقط..
ذكّرت زيارة عمل الرئيس المقدوني غورغي إيفانوف في بلغاريا في هذه الأيام بالعلاقات الوثيقة بين البلدين ولكن أيضا بالمشاكل بينهما. أكاديمية العلوم البلغارية كرمت الضيف بلقب "دكتوراه فخرية" لمساهماته في العلوم القانونية والتعليم والثقافة والحياة العامة...