بوتين: صوفيا ترتكب خطأ بتوقفها من تنفيذ مشروع "السيل الجنوبي". بوريسوف: موسكو تعرف سبب وقوع ذلك. فقد انطلق من خلال هذه الكلمات التي تم تبادلها بين الرئيس الروسي ورئيس الوزراء البلغاري، الحديث عن فشل إنشاء خط أنابيب الغاز "السيل الجنوبي". وكان ينبغي لهذا المشروع الدولي بالمشاركة الرائدة لروسيا وإيطاليا أن يمدد بالغاز الروسي أوروبا الغربية والوسطى من خلال بناء خط أنابيب عبر قاع البحر الأسود ثم يعبر أراضي بلغاريا، حيث يتجنب بهذه الطريقة أراضي أوكرانيا. لقد التزم العديد من الساسة والخبراء البلغار بهذه المبادرة ولديهم إرادة  شديدة في هذا الاتجاه، فإن البلغار لا يزالون يتذكرون الشتاء القارس لعام 2009، عندما انقطعت إمدادات الغاز الطبيعي جراء حرب الغاز الدائرة بين موسكو وكييف.

وأعلن فلاديمير بوتين، يوم امس أثناء لقائه السنوي مع صحافيين عن استغرابه من الموقف الضعيف للقادة البلغار، والذين أغفلوا عن مصالحهم الوطنية لاعتبارات غير قابلة للتفسير المعقول، موفقين مرحلة تنفيذ مشروع "السيل الجنوبي" ووفق كلمات الرئيس الروسي فإن موسكو كانت تنوي بتوظيف مبلغ بقيمة 3 مليارات يورو في عملية الإنشاء وخلق فرص العمل في بلغاريا، ولحصلت صوفيا بعد دخول المشروع مرحلة التنفيذ على 400 مليون يورو سنويا وهذا فقط من رسوم عبور. ولم يلبث بوريسوف أن أجاب على بوتين،  وأعلن هو الآخر  من بروكسل  حيث شارك في قمة الاتحاد الأوروبي ان فلاديمير بوتين يعرف معرفة جيدة أن تجميد المشروع عائد إلى أن بلغاريا تنفذ العقوبات المفروضة على روسيا بصفتها عضوا مواليا للاتحاد.

الذنب على من إذن؟ فلنتذكر بعض الوقائع. لقد اعلنت سفيرة الولايات المتحدة لدى صوفيا مارسي رايس، أن دولتها قلقة والفترة ليست مناسبة للعمل مع روسيا، ناصحة الشركات البلغارية بعدم عملها مع أشخاص تم فرض العقوبات عليهم، بصدد عملية ضم القرم من طرف روسيا. وكانت في القائمة السوداء شركة "سترويترانسغاز" التي وُكلت بإنشاء "السيل الجنوبي". وبعد لقائها معها أعلن رئيس الوزراء البلغاري أوريشارسكي وقته، أن بلغاريا تقف من طرفها مشاركتها في المشروع لبناء خط أنابيب الغاز، مشددا على الضرورة من مفاوضات مع بروكسل بهذا الشأن.

أما اليوم يتحدث رئيس الوزراء الحالي بوريسوف وبتحمس غير قابل للتفسير، عن إنشاء مركز توزيع غاز في الاراضي البلغارية، ولتنويع الإمدادات وعن إنشاء صلات الغاز مع كل من تركيا واليونان واستغلال حقول الغاز البلغارية وكذلك عن التخلي عن تبعيتنا للغاز الروسي.

للخير كان أم للسوء، فعلى الرغم من تنويع الغاز لا تستطيع أوروبا وفي المستقبل القريب ألا تعتمد على للغاز الروسي أيضا. فوفقا للخبراء، التبعية المتوسطة للقارة القديمة للغاز الروسي على الأرجح ستستمر أن تتراوح حول 50%. لقد حان وقت بدء الساسة البلغار في تفكيرهم في المصالح الوطنية أكثر، اجتنابا في الوقت نفسه الصراعات الجيو استراتيجية للكبار.