لا تنتهي حياة الإنسان ما دامت آثار أفعاله نافرة فيها. وفي سياق هذا الكلام يمكن التذكر بأحد أسرار الحياة بل وإحدى حكمتها وإنما هي أن الإنسان ولو شاء عيش حياة حقيقية ومثمرة، ينبغي عليه أن يصبح جسرا للخير، فينقل الخير من نفسه نحو الآخرين. وإن نشعر بثبوت تحت أقدامنا هذا دلالة على أننا نسير على جسور الإرادة البشرية الحسنة. فإن العمل الصالح مثل دور يأتي من قلب المرء ويتم أداؤه بصوت المرء الشخصي. هنا لا نحتاج إلى ملقنين. وربما هذا هو الوقت لننظر إلى أعيننا ونتساءل، من نحن وأين وكيف نعيش؟ ما هي الطاقة التي نحمل أنفسنا بها وما وكم هي المسافة بيننا؟ كيف أن نمسك مقاليد طيبة التعايش الإنساني؟

اليوم، الفترة التي نعيش فيها حرف معايير الخير الشر إلى درجة كبيرة وهل تُرى أحد بوسعه الجواب على سؤال: ما هو الإنسان الطيب؟ وعلى الأرجح المسننون قد يصعب عليهم الجواب، غير أن آني، التي تبلغ 10 من عمرها تعتقد بأنها تعرف. وخاصة بعد ذات يوم، عندما كانت تمشي في الشارع وسمعت نغمة معروفة. فاتجه اهتمام الفتاة نحو المتسول الذي كان يستمع إلى عازف الكمان في الشارع بلهفة شديدة، ثم بعد ذلك نثر الفقير كل قروشه من كأسه البلاستيكية في حالة الكمان المفتوحة وابتعد. من خلال هذا الكمان جمع العجوز الغريب الذي بلغ 100 من عمره، الشيخ دوبري من قرية بايلوفو مبلغا بقيمة 35700 ليفا، ما يقرب 17850 يورو وتصدق بها لحرم "القديس ألكسندر نيفسكي" في العاصمة. وربما هو أكرم مانح للكاتدرائية البطريركية. كما ومنح أموالا للعديد من المعابد الأخرى.

ليس بوسعنا أن نتحدق في أسرار الحياة ونكتشفها عند غياب الخير الشر. فقد بقي العالم وسيبقى تحت علامة صراعهما الدائم. ولدى البلغار حجج لذلك، حيث أننا كل يوم نعرف من وسائل الإعلام عن أطفال محتاجين ومصابين بأمراض خطيرة، والذين في انتظار إرسالنا رسائل قصيرة من هواتفنا المحمولة من أجل جمع المبالغ الضرورية لإجراء عملية ضرورية لإنقاذ حياة شخص معين. كما ولدينا مبادرة "الميلاد البلغاري" برعاية الرئيس والتي تجمع أموالا لمعالجة أطفال مرضى. أتذكر ما قالته لي خيرمينا، بنت زميلي، والتي كانت قبل سنة بحاجة إلى مساعدة لإجراء عملية منقذة لحياتها. نجحت هذه الشابة في مكافحة المرض الخطير وما زالت في حيازتها الآن رسالة أرسلها إليها عجوز غير معروف. فقد كتب هذا العجوز تمنياته لها بالصحة وكذلك أمواله الأخيرة، فكانت في الظرف 2 ليفا. وإنما هذا الظرف وكذلك تضامن آلاف من الناس الذين استجابوا لخيرمينا في حين مصيبتها، جعلها تتفرغ للخير وتساعد المحتاجين.

عندما أتذكر هذه القصص الحقيقية دائما أتساءل ما إذا سيصبح البشر أفضل ومسؤولين عن الحياة التي وهبهم بها الله. وهل سوف يستمر تكرار قصة هابل وقابل في عالم الجنون والاغتيال والحسد، والتي تتصف بها البشر؟ أو سيجد الناس نبيهم موسى الذي سوف يخرجهم إلى الأرض الموعودة ، حيث سيلتقي الناس نجاتهم. وهل سيزداد عناية الأغنياء وشبع الفقراء وهل سينال الجهلة حكمة وهل سيحول الحكماء أفكارهم إلى عمل مفيد بالنسبة للجميع؟

لقد حان وقت بحثنا عن ذلك السلوك أو الشخصية التي تستطيع وصفها بمفهوم الخير الإنساني. وفي معمعة الحياة نحن نتذكر بها عندما نقع في ابتلاء أو في مناسبات معينة. لا شك في أن المرء خلال العيد يبحث عن الآخر، الذي يمكن الثقة به والذي قد يكون رفيق له في الشرب. ولكن في الحقيقة إذا كنا نبحث عن الخير في الحياة يجب علينا أن نتحدق إينا أولا، أليس هذه حكمة ننالها من الكتاب المقدس؟

 وبينما ننتظر رؤية ما هي المجموعة البرلمانية الأكثر عناية للأمن والخير الهدوء، نحن الناس العاديين ما زلنا نطرح أمامنا سؤال من سينقذنا من أنفسنا ومن سينجي نفوسنا من التدمير ومن سيظهر لأطفالنا المثل الأعلى للإنسان الطيب؟ لقد حاولنا بالكراهية والنفاق واستخدمنا القيود الحديدية وعدم الثقة. وما أصبحنا أغنياء وزدنا هدوئنا وسعادتنا. وربما حاولنا كل شيء إلا الطيبة. بإمكاننا أن نبدأ بالكلمة الطيبة والبسمة.