"كان آب الجاري أصعب شهر لألائك من اللاجئين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط من أفريقيا إلى أوروبا، مما أسفر عن وفاة مئات الناس. تقع بلغاراريا أيضا على طريق موجة الهجرة هذه." هذا ما أعلنه بروس بارتن، نائب سفير الولايات المتحدة في بلغاريا، والذي يشارك في ندوة مكرسة للاجئين والأمن العابر للحدود. تجري الندوة في صوفيا. ووفق كلمات الدبلوماسي الأمريكي، ما يزيد عن 40 مليون شخص أُجبروا لغاية اليوم على تغيير مساكنهم، وهجر من سوريا فقط، جراء الحرب الدائر هناك، عدد من الناس، يتجاوز 12 مليون شخص.

لا ينبغي لنا أن ننسى الواقع أنه يقع وراء كل هذه الأرقام المذكورة شخص منفرد له قدره وعائلته وأقرباؤه. "يمكن كل مهاجر أو لاجئ أن يؤثر تأثيرا هائلا على المجتمع البلغاري بل يساهم مساهمة كبيرة وينفع له"، يعتقد القائم بأعمال السفارة الألمانية لدى صوفيا الدكتور بيتير كولب، وهو يذكر بأن كل من ألبرت آينشتاين وفريدريك شوبين وميرلين أوبرايت كانوا لاجئين في الدول، حيث نال شهرة عالمية من خلال إنجازاتهم.

واستنادا إلى البيانات الأخيرة، فإن ضغط اللاجئين على بلغاريا يزداد حيث أنه فقط خلال الأشهر الثلاثة الأولى للعام الجاري طلب الإيواء في البلاد ما يزيد عن 3000 شخص أو بـ60% أكثر بالمقارنة مع الفترة نفسها للعام الماضي. "وهذا ليس عاديا لموسم الشتاء، وفي الصيف من المتوقع زيادة عدد اللاجئين إلى بلغاريا"، أوضح نيكولا كازاكوف، رئيس وكالة الدولة للاجئين، مضيفا:

"نستعد لاستقبال الموجة الجديدة حيث نحسن الظروف المعيشية في مراكز الإيواء المؤقت ونعجل الإجراءات المتعلقة بتقديم اللجوء. في الفترة الراهنة لدينا 5130 سريرا في مراكز الإيواء ولدينا سرر إضافية عددها 1500 كما و نفكر في إنشاء جزء متحرك وهو عبارة عن عربات مجهزة، حيث يمكن إيواء لما حوالي 500-600 شخص إذا اقتضته الحاجة. هكذا نستطيع مواجهة تدفق اللاجئين في حالة تجاوز عددهم 11 ألف شخص، كما كان العام الماضي. حتى الفترة الراهنة استخدمنا 70% من الأماكن في مراكز الإيواء . تدفق اللاجئين الأساسي الذي هو متجه نحو بلغاريا يمر على الحدود البلغارية التركية، حيث اشتدت مراقبة الشرطة الحدودية. أما فيما يخص التواصل بين المؤسسات الرسمية المختصة والمسؤولة عن مراقبة الهجرة والإيواء، فإنه على مستوى جيد"، أوضح رئيس وكالة الدولة للاجئين.

وفي رأيه تواجه الدول الأوروبية في الفترة الراهنة أحد أكبر التحديات لأمنها منذ فترة الحرب العالمية الثانية. وأضاف أن الحريق الذي أشعلته النزاعات المباشرة لم يفت أوروبا وقد تتصاعد الأزمة في أكرانيا أكثر فأكثر، وفي هذا السياق تكون الإمكانيات لتهدئة الأوضاع قليلة. "ناهيك عن القضية المتعلقة بالمنظمات الإرهابية التي تستقطب أعضاء جددا حيث يكون جزء لا بأسه بها منهم مواطنون أوروبيون مثقفون شباب، اشتعل فيهم لهب العصبية والدينية وعدم التسامح"، قال نيكولا كازاكوف، مضيفا: "الدول الأعضاء، التي تقع عند الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبية، بما فيها بلغاريا، هي تلك التي يبدو وكأن قدراتها مستنفدة لمواجهتها هذا الوضع الصعب لوحدها."