كثيرا ما تأتي بلغاريا عرضة لتعليقات بعض وسائل الإعلام الأجنبية بسبب حاجز على الحدود التركية تم إنشاؤه بهدف إيقاف تدفق اللاجئين في البلاد. وينظر إلى ذلك أصحاب تلك المقالات وبشيء من الانتقاد على أن سبب اتخاذ هذا الإجراء يعود إلى الخوف من اللاجئين. وفي هذا السياق أكدت إحدى الصحف الألمانية على أن بلغاريا ليست الدول الأوروبية الوحيدة التي تفعل ذلك مشيرة إلى أن "كانت أوروبا تكسر الحواجز سابقا وهي تنشئها من جديد الآن".
كما أن البلغار أنفسهم يبدون التحفظ تجاه هذا الأمر ولا يقلون انتقادا له من وسائل الإعلام المذكورة آنفا وذلك أمر طبيعي ما داموا يتذكرون إزالة الحواجز على الحدود مع تركيا ويوغسلافيا السابقة باسم قيم الديمقراطية عقب سقوط النظام الاشتراكي. فالكثير من البلغار يقولون بأننا أزلنا حواجز الأمس التي قيدت حريتنا للتنقل ونبني حواجز اليوم تقييدا لحرية اللاجئين للتنقل. ولكن هل يمكن اعتبار الخوف من اللاجئين الدافع الوحيد الذي حمل بلغاريا على الحواجز؟
لما بدأ إنشاء الجزء الأول من الحاجز على الحدود التركية قال وزير الداخلية البلغاري إنه يفضل ألا تقتضي ذلك الضرورة فلم يكن الاختيار سهلا ولا تم مرة واحدة إذ شرعت في إنشاء الحاجز حكومة يسارية ولا تزال العملية قائمة اليوم في ظل حكومة تعتبر في وسط اليمين. كما أن الإجراء لم يتخذ خوفا من اللاجئين وإنما محاولة لتوجيههم إلى نقاط العبور لكيلا يعثر عليهم مصابين بالبرد أو المرض في مناطق نائية تكاد لا تطأها قدم الإنسان ومن أجل رقابة الدولة على عملية يستفيد منها بعض العناصر الإجرامية ومن ثم أداء أدنى حد من واجباتها التي عليها الالتزام بها إذا استقبلت أناسا متضررين في أراضيها.
وبسبب ما اتخذته بلغاريا من إجراءات على الحدود التركية أصبحت بلغاريا عرضة لانتقادات رسمية تأتيها من الخارج بما في ذلك من تركيا التي من جانبها جددت السياج السلكي لصد اللاجئين الذي يبلغ طوله 145 كم وذلك على الحدود السورية وأنشأت حواجز جديدة طولها 90 مترا وتخطط لبناء سياج مزدوج في أكثر المناطق الحدودية خطورة وكل ذلك استجابة للانتقادات التي تأتي تركيا من الخارج بأنها لا تتخذ التدابير الكافية للحد من تدفق اللاجئين.
ويبدو أن تطور مشكلة الهجرة غير الشرعية يأتي بتطور أفكار تحييد عواقبها الوخيمة وذلك ليس على صعيد بلغاريا وتركيا ولا في أوروبا فحسب وإنما في الولايات المتحدة أيضا حيث طالب صاحب المليارات دونالد ترامب الذي قد يترشح للانتخابات الرئاسية عام 2016 بإنشاء جدار فاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك الصديقة. ويذكر أن منطقة البلقان تتوقع تطورات جديدة في مشهد اللاجئين إذ تم إعادة توجه تدفق المهاجرين إلى البحر بعد إيقافه برا فقد أبحرت مؤخرا سفينة من جزيرة لسبوس إلى أثينا على متنها ألوف المهاجرين ينوي بعضهم الذهاب إلى مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي مرورا بمقدونيا. وتجاوز عدد اللاجئين الطالبين اللجوء في مقدونيا 30 ألف شخص منذ التاسع عشر من حزيران الماضي وقد وصلوا البلاد من جهة اليونان. وسبق لليونان أن أنشأت سياجا على الحدود مع تركيا أدى إلى توجيه اللاجئين إلى بلغاريا. وترى هل ستقوم مقدونيا بنفس هذه الخطوة على حدودها مع اليونان؟ وإلى أين يتوجه أولئك الناس بعدها؟
من الواضح أن بناء الجدران مجرد إجراء مؤقت للحد المؤقت من عواقب مشكلة تستفحل بالتدريج جراء مشاكل سياسية وإنسانية تواجهها منطقة بأكملها فيتطلب حلها الحقيقي الدائم اتخاذ إجراءات في مكان نشأتها. إلا أن الخطوات في هذا الاتجاه ما فتئت قليلة مترددة خوفا من وقوع عواقب أوخم مما هي عليه الآن... لذا اخترنا الشر الأصغر لحد الآن.
كما المشاورات السياسية، التي عقدها رئيس الجمهورية بشكل منفصل مع القوى البرلمانية في اتصال مع استقالة الحكومة، حددت جلسة أمس للمجلس الاستشاري للأمن الوطني أيضا فرضيات فقط، ولكن لا حل ملموس للأزمة السياسية. حتى يتم التوصل إلى قرار بعد تنفيذ الإجراء..
بعد المشاورات السياسية التي عقدها الرئيس مع القوى البرلمانية قبل الشروع في التزامه الدستوري لولايات جائزة لتشكيل الحكومة في إطار هذا البرلمان، والتوقعات لتشكيل حكومة جديدة في تكوين البرلمان الحالي وهمية. فقد وقف ضد الإعلان عن تشكيل هذه الحكومة ليس فقط..
ذكّرت زيارة عمل الرئيس المقدوني غورغي إيفانوف في بلغاريا في هذه الأيام بالعلاقات الوثيقة بين البلدين ولكن أيضا بالمشاكل بينهما. أكاديمية العلوم البلغارية كرمت الضيف بلقب "دكتوراه فخرية" لمساهماته في العلوم القانونية والتعليم والثقافة والحياة العامة...