يدل تقرير أصدرته الوكالة الأوروبية للبيئة على كون 14 ألف مواطن بلغاري يفارقون الحياة سنويا نتيجة تلوث الهواء الذي يتنفسونه. ويعود السبب الرئيس في نسبة الوفاة هذه إلى التركيز العالي للجسيمات الناعمة في الهواء.

هذا وقد صدرت دراسة أخرى بالتزامن مع صدور التقرير الأوروبي وفيها ما يدعو للقلق، حيث أعلنت السيدة ديانا بيتكوفا، رئيسة الرابطة البلغارية لأمراض الرئة، أثناء منتدى صحي عن كون 18 ألف بلغاري يلقون حتفهم سنويا من جراء إصابتهم بأمراض يسببها تلوث الهواء.

إذا دخلت المواد الضارة منها الجسيمات الناعمة، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد النتروجين، والرصاص في جسد الإنسان تلحق به أضرارا تزيد مع كل نفس. وتتنوع الأمراض التي تسببها هذه المواد من أمراض في الرئتين والقلب والأوعية الدموية والدماغ والجهاز التناسلي وغيرها. وفي هذا السياق يجدر بنا الذكر أن أربع مدن بلغارية تقف في مقدمة أكثر المدن الأوروبية تلوثا لهوائها ألا وهي مدن بيرنيك وبلوفديف وبليفين ودوبريتش. أما دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية فتدل على أن مدينة صوفيا خامس أشد مدينة في العالم من حيث تلوث الهواء. أجرينا في هذا الصدد مقابلة مع السيد فاليري سيرافيموف من الوكالة التنفيذية للبيئة، قال فيها:

"تشير الدراسات إلى معاناة أكثر من 90 في المئة من سكان المدن من التلوث بالجسيمات الناعمة. ويعتبر أن المشكلة قائمة في حال تجاوز تركيز هذه الجسيمات الحد الأعلى 35 يوما في السنة على الأقل. فعلى سبيل المثال شهدت مدينة فيدين البلغارية 187 يوما وهي في هذه الحالة في العام الماضي، بينما وصل هذا العدد إلى 138 يوما في مدينة بليفين."

وتعد من المصادر الأساسية للجسيمات الناعمة في الهواء حرق الوقود الصلب والسائل في المنازل والسيارات والصناعات. ومن الحلول البسيطة التي تستطيع تخفيف التلوث هو الحد من استعمال السيارات وزرع المناطق الخضراء وتنظيف الشوارع بالماء واستخدام طرق التدفئة الصديقة للبيئة. وكل ذلك في يد البلديات.

"على كل بلدية توفير الوقود الأفضل لتدفئة المواطنين منه الغاز الطبيعي. وقد انتشرت منظومة نقل الغاز في الكثير من البلدات والمدن بحيث صار بإمكان كل من يرغب في استخدام الغاز ويملك الأموال الكافية أن يشترك في هذه الشبكة. ولكن ما لم يقتنع المواطن البلغاري بميزات الوقود الصديق للبيئة فسيكون من الصعب التقليل من مستويات التلوث في بعض المناطق السكانية."

وتكمن المشكلة في كون الطبقات الفقيرة تتدفأ على المحروقات الصلبة، مما يمنع وزارة البيئة من اتخاذ إجراءات صارمة لمنعها. وقد دل تعداد السكان الأخير الذي أجري عام 2011 على أن 57 في المئة من المواطنين يستعملون الوقود الصلب للتدفئة، مقابل 26 في المئة يستخدمون الكهرباء، و14 في المئة يشتركون في التدفئة المركزية و1,5 في المئة فقط من المواطنين البلغار يستعملون الغاز لغرض تدفئة منازلهم. ولكن هل من الطبيعي استمرار الناس في استنشاق الهواء الملوث لغياب الحل الاجتماعي؟

"إنه أمر غير طبيعي بالمرة ولكن هذه هي الظروف التي تعيشها بلغاريا – سكان فقراء يستخدمون وقود غير صديق للبيئة. إليكم مثال عدد كبير من الناس يعيش بعضهم حتى في المدن الكبيرة تخلوا عن التدفئة المركزية ففضلوا الحطب والفحم لسعرهما المنخفض."

ومن أجل حل مشاكل تلوث الهواء خصصت الحكومة مبلغ 60 مليون يورو ضمن برنامج "البيئة" التشغيلي، فضلا عن تخصيص قرابة 55 مليون يورو للبلديات لغرض إنشاء المناطق الخضراء وتبديل حوافل النقل العام.