بُعيد إصدار المفوضية الأوروبية تقريرا يقول إن عدد المهاجرين غير الشرعيين في انخفاض نتيجة الاتفاقية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لاحتواء أزمة اللجوء، أجرى وزراء خارجية وداخلية بلغاريا واليونان ومقدونيا وألبانيا لقاء في الأسبوع الماضي بمدينة سالونيك خاصا بمسألة أزمة اللاجئين. حيث أكد ما قدمه الوفد البلغاري من معطيات أثناء اللقاء ما خلصت إليه المفوضية، فقد انخفض عدد محاولات اختراق المهاجرين غير الشرعيين للحدود البلغارية بقرابة 30 في المئة خلال الشهر الأخير، مقارنة بالفترة ذاتها في العام الماضي، بينما يعتبر عدد من اخترق الحدود اليونانية إلى بلغاريا قليلا حيث لم يقبض إلا على حوالي 170 شخصا. فتفسير بلغاريا لهذا الانخفاض هو نشاط تركيا في الحد من ضغط المهاجرين.

وبغض النظر عن هذه التطورات ركز المشاركون في الاجتماع في مباحثاتهم أساسا على ضرورة تحسين مكافحة شبكات التهريب، مما يدل على كون بلغاريا واليونان ومقدونيا وألبانيا لا تنظر إلى انخفاض ضغط الهجرة على أنه أمر نهائي غير قابل للتغير، ولن تعول على أعمال الاتحاد الأوروبي وتركيا فحسب وإنما تريد جعل المسألة تحت سيطرتها. ومما أكد ذلك هو الشروع في إعداد خطة احتياطية أو خطة "ب" مثلما سماه وزير الخارجية البلغاري دانييل ميتوف. وهي خطة احتياطية في حال فقدان الاتفاقية فعاليتها أو إيقاف تنفيذها، والتأهب لتطبيق خطة احتياطية عبارة عن إجراء مشروع، إذ إن الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي موضع انتقادات كثير من منظمات حقوق الإنسان، من جهة، وتحذر تركيا أنها يمكن أن تكف عن تنفيذه في حال عدم توفير تسهيلات لتنقل مواطنيها في منطقة شنغن، من جهة أخرى. وفي هذا السياق يذكر أنه اشترطت الاتفاقات مع الاتحاد الأوروبي على تركيا تلبية 72 شرطا حتى 4 من أيار القادم حتى يحظى مواطنوها بالتنقل الحر في المنطقة، إلا أن الدولة لم تلب سوى نصف هذه الشروط لحد الآن.

هذا وقد أظهر لقاء سالونيك أن الهدف الأساسي للدول الأربع في هذه المرحلة هو التعاون النشط فيما بينها لمنع شق مسار لجوء جديد عبر البلقان. وإذا اقتضت الضرورة سيتم توسيع هذا التعاون ليشمل بلدانا أخرى في المنطقة. لذا تنعقد أمثال هذا اللقاء كل ستة أشهر أو أكثر وعند الضرورة تتسع دائرة المشاركين فيها.

كما أن وزراء الدول البلقانية الأربع خلصوا إلى ضرورة اعتماد نهج موحد لمواجهة أزمة طالبي اللجوء إقليميا وأوروبيا. ومن ثم يمكن أن نشهد بذل جهود في سبيل تنسيق مقاربة موحدة تجاه قضية تدفق الهجرة. وفي هذا الصدد لا تزال صوفيا تطالب بالإجماع على معايير واضحة تميز بين اللاجئين والمهاجرين الاقتصاديين، مما يعني أن صوفيا حريصة على حسن التوازن بين القيم الديمقراطية والمعايير الأمنية والذي أدى غيابه إلى تفاقم أزمة اللجوء في أوروبا وعواقبها.

وعلى ما سلف يمكن الاستنتاج بأن تحديات أزمة اللاجئين لا تزال الشغل الشاغل بالنسبة لدول البلقان رغم النبرة المهدئة الواردة في التقارير الأولية عن نتائج اتفاقية الاتحاد الأوروبي مع تركيا.