يرسل حلف شمال الأطلسي بشكل دوري وتلبية لطلب من بولندا وليتفا ولتوانيا وإستونيا 4 كتائب مشاة إلى الحدود الشرقية للحلف ضمانا إضافيا لوقوع أي اعتداء روسي محتمل. وفي هذا السياق قال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ مبررا هذه الخطوة: "لا شك أننا نرد بذلك على ما قامت به روسيا في أوكرانيا فلم يدر الحديث حول مثل هذا الحضور العسكري ما قبل الضم غير الشرعي للقرم إلى روسيا". فأكد وزير الدفاع نيكولاي نينتشيف أمام الإذاعة الوطنية البلغارية أن بلغاريا لم تطلب قوات مسلحة برية إضافية في أراضيها. إلا أنها منصة عمليات في ظل ما أعقب أزمة أوكرانيا من حرب هجينة. وهذا هو الرأي الذي أجمع عليه المشاركون في الطاولة المستديرة الدولية التي عقدت في صوفيا من تنظيم المجلس الأوروبي الخاص بالسياسة الخارجية.

وليست الحرب الهجينة وليدة اليوم إذ يعرفها العالم منذ الماضي السحيق. فقد استعملها الرومان القدامى في معارك قرطاج، ومن خلالها دعمت ألمانيا أثناء الحرب العالمية الأولى وبشكل سري... لينين نفسه. ومفهوم الحرب الهجينة اصطلاحا عبارة عن السعي إلى تحقيق أهداف استراتيجية عن طريق العمليات المفتوحة والسرية والضغط الدبلوماسي والإجبار الاقتصادي وتشويه المعلومات والهجمات السيبيرية، ومن أمثال ذلك وقف إمدادات الغاز وتمويل وسائل الإعلام التي تمارس الدعاية. وفي هذا الشأن يقول أحد جنرالات الناتو إن موضوع الحرب الهجينة هو موضوع المستقبل.

هذا وقد تسبب ضم القرم فمخالفة اتفاقات دولية على يد روسيا في فرض عقوبات على موسكو تلتها عقوبات مضادة فرضتها روسيا ومن ثم زيادة في الدعاية المعادية للغرب. فنشهد اليوم توترا متزايدا في العلاقات روسيا مع الغرب، ومن على منبر البرلمان الأوروبي قال الرئيس البلغاري إن روسيا تهدف إلى زعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى كون الأزمة الأوكرانية انطلقت بها فترة "سلام بارد. أما سنوات الحرب الباردة فتعلقت بالأذهان بالدعاية المنتشرة في وسائل الإعلام في كلا المعسكرين. ويرى وزير الخارجية البلغاري أن هذه الفترة وشيكة على العودة.

"إن زراعة الكائنات الإعلامية المعدلة وراثية وترسيخها في عقول البشر يعتبران جزءا من الوسائل الجديدة لخوض الصراع القديم بين الشرق والغرب فتتحول أوروبا الوسطى والشرقية ميدان هذا النزاع. فروسيا مثلا لا تنفك عن القول بأنها لن تسمح باستعمارها الحضاري من جانب الغرب. فما لم نوضح هذه المسألة والحد الفاصل بيننا لن نتمكن من عقلنة علاقاتنا بشكل مجد. وكثيرا ما تستبق القضايا التي تواجهها أوروبا جاهزيتها لاحتوائها. فنحن نشهد زيادة غوغائية الأحزاب الشعبوية. لذا نعتبر أوروبا في أمس الحاجة إلى اتخاذ قرارات عاجلة مشتركة. والمهم هو اتخاذ القرارات الصحيحة وليس تلك التي تحظى باستحسان الناس."

ومن القرارات الخاطئة الممكنة هو رد الاتحاد الأوروبي على روسيا بنفس اللهجة الدعائية إذ إن القيم المشتركة القائم عليها الاتحاد لا يسمح باستخدام هذا الأسلوب. ولدى الخبير الاجتماعي كانتشو ستويتشيف وصفة أخرى لمعالجة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا:

"كلما ازدادت الضغوطات التي نفرضها على روسيا بشكل أو بآخر، كلما عززنا سلطة الرئيس الروسي بوتين. ولا مشكلة لدينا مع الشعب الروسي وإنما هي مع السيد بوتين بالذات. فعلينا أن نتمسك بنسبة 25 في المئة من الشعب الروسي والتي تؤيد مستقبل روسيا مع أوروبا حرصا منا على زيادة هذه النسبة وبذلك لن تحدث أي نزاعات ومواجهات."

وبينما كان المشاركون في المناقشة يبحثون في أدوات الحرب الهجينة، عبر الكاتب الصحفي إيفان بيدروف عن رأيه بأن هناك ظاهرة تشويه معلومات عادي ومتعمد في وسائل الإعلام. والسبب عائد إلى تزايد نفوذ هذه الأكاذيب الواضحة على حد تعبيره وإلى توغل الإنترنت في حياتنا اليومية ولا سيما شبكات التواصل الاجتماعي.

"إن المنتج النهائي الذي يصل إلى الجماهير في وسائل الإعلام وحتى في أكثرها احتراما هو أنباء دولية مستمدة بأكملها من معلومات مشوهة واردة في مواقع التواصل الاجتماعي. ومما نلاحظ في الآونة الأخيرة هي مشكلة شح المصادر الإعلامية والتي تعاني منها بلغاريا أيضا. فأول ما يتعرض لتقليص التمويل في وسائل الإعلام البلغارية هي أقسام السياسة الدولية وبالنتيجة تعاني المواطنون البلغار من حالة نقص حاد في هذه الأخبار وذلك بالتزامن مع ارتفاع اهتمامهم بها مما نعتبره مفارقة كبيرة. فعلينا توفير الكم الكافي من المعلومات الصحيحة الحقيقية في متناول المجتمع غير أن نسبة كبيرة من وسائل الإعلام البلغارية لا تتوافر لديهم الأموال الكافية لتحقيق ذلك."