عقدت في أول أيام هذا الأسبوع النسخة الثانية عشرة من المنتدى الاجتماعي السياسي لمكافحة الفساد، حيث ناقش طول اليوم رجال سياسة ونشطاء اجتماعيون وخبراء أشكال وأنواع وأبعاد آفة الفساد التي يعاني منها المجتمع البلغاري منذ عقود. ولم توح المعطيات التي تم طرحها بالتفاؤل، مشيرة ليس إلى بقاء هذه الظاهرة المدمرة المجتمع البلغاري بل إلى تصاعدها أيضا، رغم بذل الجهود في سبيل الحد منها.
وفي هذا السياق اعترفت وزيرة الداخلية البلغارية روميانا باتشفاروفا بمرارة بأن الظاهرة تتطور بوتائر أسرع من وتائر عمل المؤسسات العامة على محاربتها فلا بد من ترجمة الأقوال أفعالا على أرض الواقع، فيما أكدت وزيرة العدل إيكاتيرينا زاخارييفا أن تقرير نتائج مكافحة الفساد الذي أعده مركز الدراسات الديمقراطية لا تدعو للتفاؤل أيضا.
فإن هذا التقرير يقول بأن الفساد الإداري يشهد حالة من الازدياد خلال خمس سنوات مضت، مسيطرا بمجاسه السامة على الدولة برمتها مما يسفر عن تكوين مجالات تعاني مشاكل باستمرار تعرقل أغلبية سياسات مكافحته، ومن هذه المجالات الأساسية كل من سوء الاستفادة من المشتريات العامة وآليات الاقتصاد الخفي وعمليات الغش الخاصة بضريبة القيمة المضافة، فضلا عن التهريب وعمل السوق السوداء وتعطيل الهيئات القانونية وإعاقة عمل مؤسسات شتى والاستحواذ على وسائل الإعلام. إذ تؤكد 18 في المئة من الشركات أنها تعرضت إلى ضغط الفساد من قبل موظفين حكوميين ولا يتجاوز متوسط هذه النسبة 4 في المئة على الصعيد الأوروبي، وأغلبية صفقات الفساد تتهرب بنجاح من ضربات القانون في القطاع الخاص.
وقد جاء مثل هذا التقرير بنتائج مماثلة قبل عقد من الزمن. وكان التقرير الصادر عن نفس المنظمة في ظل النسخة العاشرة من المناسبة عام 2009 يحمل اسم "الجريمة بلا عقاب"، حيث إنه أخطر بالزيادة الملحوظة التي شهدتها عمليات تحويل أموال الفساد، بالغة ما يفوق مليوني عملية سنويا. إلا أن الأمر لم يتغير أو كاد فإن التقريرين يدلان على مذنب واحد يحول دون فعالية مكافحة هذه الآفة ألا وهو النظام القضائي، فقد خلصا إلى أنه يستحيل التغلب على الفساد بدون إحكام النظام ونزاهة المحققين والقضاة والنواب العامين، وأكثر ما تضرر من هذه الظاهرة حسب كلا التقريرين هو قطاع الطاقة.
وعلى ما أنف ذكره فلا تكفي المناقشات السياسية للتصدي لظاهرة الفساد فلا بد من تطبيق القانون، ولكن دولتنا لم تضع قانونا لمكافحة الفساد لحد الآن مما يحرم محاربة هذه الآفة ولا سيما في أعلى مستويات السلطة من أداة قانونية أساسية. لذا دعا الرئيس البلغاري روسين بليفنيلييف في المنتدى الأخير لمكافحة الفساد إلى دعم مشروع قانون مكافحة الفساد الذي وضعته نائبة رئيس الوزراء ميغلينا كونيفا في البرلمان حتى نستطيع التغلب على الفساد بشكل فعال، حيث أشار فخامة الرئيس إننا لا نحتاج إلى التنازلات وإنما إلى الإجماع في سبيل محاربة الفساد.
كما المشاورات السياسية، التي عقدها رئيس الجمهورية بشكل منفصل مع القوى البرلمانية في اتصال مع استقالة الحكومة، حددت جلسة أمس للمجلس الاستشاري للأمن الوطني أيضا فرضيات فقط، ولكن لا حل ملموس للأزمة السياسية. حتى يتم التوصل إلى قرار بعد تنفيذ الإجراء..
بعد المشاورات السياسية التي عقدها الرئيس مع القوى البرلمانية قبل الشروع في التزامه الدستوري لولايات جائزة لتشكيل الحكومة في إطار هذا البرلمان، والتوقعات لتشكيل حكومة جديدة في تكوين البرلمان الحالي وهمية. فقد وقف ضد الإعلان عن تشكيل هذه الحكومة ليس فقط..
ذكّرت زيارة عمل الرئيس المقدوني غورغي إيفانوف في بلغاريا في هذه الأيام بالعلاقات الوثيقة بين البلدين ولكن أيضا بالمشاكل بينهما. أكاديمية العلوم البلغارية كرمت الضيف بلقب "دكتوراه فخرية" لمساهماته في العلوم القانونية والتعليم والثقافة والحياة العامة...