Text size
Bulgarian National Radio © 2024 All Rights Reserved

أتباع تولستوي من جماعة قرية "ياسنا بوليانا"

Photo: أرشيف

"ياسنا بوليانا" أو عزبة ليف نيكولايفتش تولستوي، حيث ألف الكاتب العبقري روائعه "الحرب والسلام"، و"آنا كارنينا"، هو مكان مشهور في العالم، يزوره آلاف السياح، لكن القلائل منهم يعلمون، أن في بلغاريا أيضا "ياسنا بوليانا"، واسم القرية البلغارية يرتبط بأتباع "التولستويزم"، وبمتحف أقامته الجماعة تخليدا لذكراه.

عام 1906 وصل قرية آلان كرايرياك، مجموعة من الرجال بطقومهم القاتمة، وباصرار بحثوا عن المختار، كانت رغبتهم الوحيدة، أن يعيشوا في القرية وفق مبادئ تولستوي، المرتبطة بالحرية والمساواة والحب، وغيرها من المبادئ، التي كانت تُعتبر هرطقة بالنسبة لذاك الزمن.

رغبة السادة القوية، أن يواجهوا مغريات الحضارة المادية، بمتع روحية صغيرة، وعلاقة مباشرة مع الرب، كان ثمة ما يفسرها. في بداية القرن العشرين، كان تولستوي الكاتب المفضل لدى القراء البلغار. وتعاليمه التي أدت إلى عزله عن الكنسية الأثوزكسية، سريعا ما انتشرت في أوساط المثقفين، الذين نبذهم المجتمع. هذا لم يمنع مختار القرية أن يؤوي المثقفين الستة، وأن يمنحهم بيت، وقطعة من الأرض أيضا، هكذا تأسست الكومونة التولسولية في القرية، التي بقيت لمدة أكثر من عامين، وتركت وراءها أثرا سيدوم طويلا.

أعضاء هذا التجمع الذكوري، كانوا على درجة عالية من المعرفة والعلم، وكانوا ينحدرون من مناطق مختلفة، قائدهم خريستو دوسيف، درس الطب في لوزان بسويسرا، وتفرغ للإبداع وفلسفة تولستوي. عاشت المجموعة حياة هادئة ومتواضعة، وعقدوا الكثير من جلسات القراءة وسط أهالي القرية، وكان أغلبهم من الأميين، هكذا في يوم أبيض، من عام 1907 وُلدت مجلة "النهضة".

خلال هذين العامين، أسست الجماعة مطبعة خاصة، تقول دينكا تودوروفا، سكرتيرة المركز الثقافي في قرية "ياسنا بوليانا" وأصدروا العدد الاول من "النهضة" وأرسلوه إلى تولستوي، الذي تفاجأ أن أفكاره عن السلم، والقضاء على العنف، تلقى هذا التقدير في بلغاريا، بينما يحاربها بلا هوادة النقاد الروس. وكرد منه على هذه الالتفاتة أرسل إلى المجلة، بإحدى عشر مقالة، لم تُنشر بعد، واحدة منها مقالته الشهيرة عن عقوبة الإعدام "ليس من المقبول السكوت بعد اليوم".

العلاقة المتبادلة بين "ياسنا بوليانا" الروسية والبلغارية لم تنقطع، كل أعداد المجلة، كانت تصل إلى تولستوي، وهو لا يخفي إعجابه بها، ويقول: إنها المجلة الوحيدة في العالم، التي تنشر أفكاره بجرأة. نفسه خريستو دوسيف كان يزور تولستوي، وأصبح الرجلان صديقين مقربين.

في هذا الوقت، كان أعداء الجماعة في بلغاريا، لا يتورعون عن الإساءة لها. ولم تبقَ خطيئة، لم يلصقوها بها، حتى قيل إنهم من أتباع البوغوميلية التي ستعمل على إسقاط الملكية. هكذا في تشرين الأول من عام 1908، كان على الجماعة، أن تغادر القرية.

تابعت الجماعة مسعاها، في نشر أفكار تولستوي، لكن خارج البلد، قائدها سافر إلى روسيا، وتزوج من ابنة صديق تولستوي، وأسس جماعة أخرى في قرية روسية. اسم اتباع تولستوي ارتبط بلغز الوفاة الغامضة للكاتب العبقري الروسي. عام 1910 قرر ليف المسن أن يتحرر نهائيا من الظروف العائلية والاجتماعية المحيطة به.، وفي ليلة باردة، غادر عزبته إلى مكان مجهول، يُقال أنه أراد العيش بين أتباعه في بلغاريا، لكنه أُصيب بالمرض، ولفظ انفاسه صباح السابع من يناير عام 1910، وتخليدا لذكراه يحتفظ المركز الثقافي في "ياسنا بوليانا" بجناح خاص بأدب تولستوي مع عدد وفير من صوره الفوتوغرافية .  




Последвайте ни и в Google News Showcase, за да научите най-важното от деня!

More from category

التوحيد - لحظة مشرقة في التاريخ الحديث

يصادف  اليوم  6 أيلول الذكرى 131  على توحيد إمارة بلغاريا مع روميليا الشرقية، منطقة حكم ذاتي داخل الإمبراطورية العثمانية. بدأ خلفية التوحيد في عام 1878 - السنة التي تحررت الأراضي البلغارية بعد حرب شديدة بين روسيا والدولة العثمانية. ووفقا لمعاهدة..

نشر بتاريخ ٦‏/٩‏/٢٠١٦ ٩:١٥ ص

نحمل جينات التراقيين والبلغار القدامى ولسنا من السلاف

توشك دراسة علمية للشفرة الجينية البلغارية على طمس العقيدة التي لطالما حاولوا ترسيخها في أذهان البلغار بأننا ذوو أصل يعود إلى شعوب جبال ألتاي. فقد تولى علماء بلغار وإيطاليون مهمة إيجاد ما الذي يكمن في جينات البلغار المعاصرين، فتوصلوا إلى نتائج..

نشر بتاريخ ٥‏/٩‏/٢٠١٦ ٩:٠٠ ص

الحمامات الرومانية – ديكور المسرحيات والحفلات الموسيقية

تقع في جنوب شرق مدينة فارنا على مقربة من الميناء أنقاض أكبر مبنى عام قديم في بلغاريا، ألا وهو الحمامات الرومانية لمدينة أوديسوس القديمة. وتعتبر هذه الحمامات أكبر ما عثر عليه في منطقة البلقان ورابع أكبر حمامات عائدة إلى العهد الروماني في أوروبا..

نشر بتاريخ ٣‏/٩‏/٢٠١٦ ٩:٠٠ ص